ما هو النظام الاستبدادي؟
إننا نميل للاعتقاد بأن النظام الاستبدادي والديمقراطية هما طرفي النقيض في الطيف السياسي، حيث تجرى في الأنظمة الديمقراطية انتخابات حرة ونزيهة، سواء تعلق الأمر بانتخاب رئيسها أو مجالس الشعب، أما الأنظمة الاستبدادية فهي بكل بساطة دول لا تجرى فيها انتخابات حرة ونزيهة. لكن من الضروري أن نفهم، فيما يتعلق بعبارة “حرة ونزيهة”، أن العديد من الأنظمة الاستبدادية تعقد انتخابات رئاسية أو برلمانية، غير أن الفرق يكمن في أن هذه الانتخابات ليست حرة أو أنها لا تحترم مبدأ المنافسة العادلة. كما يمكن للنظام أو الديكتاتور أن يتلاعب بها. وبالتالي، فإننا نميل إلى وصف هذه الأنظمة بأنها أنظمة استبدادية تنافسية.
ما موقع التمثيل السياسي في نظام استبدادي؟
هل يمكننا الحديث عن التمثيل في نظام غير ديمقراطي؟ أعتقد أن هناك شكل من أشكال التمثيل. لكن ما نراه قد يكون مختلفاً بعض الشيء عما نلاحظه في الأنظمة الديمقراطية. عند استخدام مصطلح التمثيل، فإني أقصد بشكل عام العلاقة بين المشرع والناخبين، حيث يحاول المشرع الدفاع عن الناخبين والاستماع إليهم ووضع السياسات التي تصب في مصلحتهم. وهكذا نلاحظ اعتماد بعض المشرعين هذا النوع من السلوك في الأنظمة الاستبدادية. وقد أصدرت العديد من الأعمال حول الصين، بينت من خلالها أن المشرعين يحاولون الاستماع للناخبين، كما أن هناك أعمال مماثلة بشأن الفيتنام والمغرب ودول أخرى.
لكن يجب التأكيد على أن كل هذا يتم في ظل نظام استبدادي، ما يعني أن النظام يتحكم فيما يمكن وما لا يمكن قوله، وفيما يمكن للمشرعين التحدث عنه وما لا يمكنهم التحدث عنه. لذلك استعملت عبارة “التمثيل المحدود” لوصف طبيعة التمثيل في ظل النظام الاستبدادي، ما يشير إلى أن باستطاعة المشرعين الحديث عن أمور كثيرة، إذ بإمكانهم الدفاع عن مصالح الناخبين في العديد من القضايا، إلا أنهم يصطدمون دائما بالنظام الحاكم. فبمقدور النظام التحكم دائماً فيما يمكن قوله وما لا يمكن قوله
كيف تبدو المشاركة السياسية في ظل نظام استبدادي؟
إن المشاركة السياسة، كما أُعرفها، هي محاولة المواطنين الانخراط في الحياة السياسية وإسماع أصواتهم والتأثير على السياسة بشكل أو بآخر. وفي الواقع، يوجد هناك مجموعة من أشكال المشاركة السياسية في وجود نظام استبدادي. لذلك لا ينبغي أن نفترض بأن المواطنين غير مبالين أو متخاذلين فقط لأنهم لا يعيشون في إطار ديمقراطي. والحال أننا كثيراً ما نرى العكس. ونظراً إلى أن الانتخابات وأشكال المشاركة الأخرى قد تكون تحت سيطرة النظام، فإن المواطنين يلجؤون إلى طرق أخرى، من قبيل المظاهرات التي تعد شكلاً مهماً من أشكال المشاركة في ظل وجود نظام استبدادي. كما أننا نلاحظ مستويات عالية من المظاهرات في هذه البلدان.
كما أن المجتمع المدني يمثل جانباً آخر من جوانب المشاركة السياسية، وقد يتعلق الأمر بمنظمة غير ربحية أو بناد رياضي، أي كل ما يربط المواطنين بالمجتمع. وغالباً ما يكون المجتمع المدني أكثر ضعفاً في ظل النظام الاستبدادي مقارنة بالأنظمة الديمقراطية، إذ ينظر إليه في بعض الأحيان على أنه تهديد للنظام. ففي كل مرة يقوم فيما المواطنون بتنظيم أنفسهم والاجتماع خارج الإطار الذي يسطره النظام، يبدو الأمر للنظام كأنه تهديد. هذا ونرى في الكثير من الأحيان أنظمة استبدادية تحاول التلاعب أو التحكم في المجتمع المدني.
في بعض الأحيان، نرى بأن هذه الأنظمة تنشئ منظمات مجتمع مدني خاصة بها في محاولة لإقناع المواطنين بالانخراط فيها حتى يتمكنوا من السيطرة عليهم.
كلمة أخيرة
تجدر الإشارة إلى أن هناك أنواع متعددة من الأنظمة الاستبدادية، فهناك أنظمة استبدادية يسيرها حزب واحد، كالحزب الشيوعي الصيني. وهناك أنظمة استبدادية يتزعمها شخص واحد. كما أن بعض هذه الأنظمة أكثر تفاعلية وتحاول الاستماع للمواطنين، بينما توجد أنظمة أخرى يسود فيها الفساد والقمع.
لذلك فمن المهم عند التفكير في النظام الاستبدادي، أن نفكر في مختلف أنواع الأنظمة الاستبدادية وأن ندرك أن بعضها أكثر نجاحاً من غيرها.